أم كلثوم … امرأة وقف لها الشرق إجلالا ً و لم يجلس بعد

أم كلثوم ... امرأة وقف لها الشرق إجلالا ً و لم يجلس بعد

أم كلثوم ... امرأة وقف لها الشرق إجلالا ً و لم يجلس بعد

اليوم : 30 كانون الأول
العام : 2011
الحدث : الذكرى 113 لولادة كوكب الشرق أم كلثوم

في مثل هذا اليوم من عام 1898 ولدت المعجزة , مصر تهدي العالم أعجوبة جديدة , الهرم الرابع , كوكب الشرق , سيدة الغناء العربي : أم كلثوم .
لم تكن أم كلثوم سيدة عادية أو مجرد مطربة عابرة في ذاكرة الفن العالمي , فصوتها الخارق للطبيعة و حنجرتها الذهبية و دماء الفن الأصيل التي تجري في عروقها جعلوا منها أسطورة لا تموت و لا تذوي , فشدت على خشبات المسارح لستة عقود كاملة في ظاهرة فنية غير موجودة على المستوى العالم بأسره , لتأسر جمهورها بمزيج الألحان و الكلمات و الآهات التي تطلقها من فمها العبقري كأنها الألحان الأسطورية الآنية من أعماق جنان الخلد .


سنة بعد أخرى , رسخت أم كلثوم نفسها كقيمة متفردة في عالم الفن العربي تحديدا ً , فتربعت على القمة منذ بداياتها الخجولة في عشرينيات القرن الماضي و لم تتنازل عنها بعد , قبل أن تتحول إلى مؤسسة فنية متكاملة ينضوي تحت جناحيها كبار المبدعين من موسيقيين و شعراء , بدءا ً من الشيخ زكريا أحمد و بيرم التونسي مرورا ً برياض السنباطي و أحمد رامي و انتهاء بمحمد عبد الوهاب و بليغ حمدي و عشرات الأسماء المبدعة التي قدمت أفضل ما لديها للصوت المعجزة , و لتقبع جميع مطربات ( و مطربي ) العالم العربي على السلالم المؤدية نحو عظمة أم كلثوم في محاولات يائسة لبلوغ النجوم دون فائدة .
و في هذا السياق , أسست أم كلثوم بصوتها الذي يجمع بين القوة و الحنان و القادر على تأدية جميع الطبقات الصوتية دون عناء إضافة لتجديدها المتكرر للموسيقا العربية , مدرسة فنية مجازية انبثقت منها مطربات كبيرات كوردة الجزائرية و نجاة الصغيرة و أسمهان , لكن نجاحاتهن لم تكن قادرة على زعزعة عرش أم كلثوم و هيمنتها على قلوب العرب من المحيط إلى الخليج , و ما تزال حتى اليوم بعد وفاتها بست و ثلاثين عاما ً تتربع على عرش الموسيقا العربية و كأن الزمن نفسه يقف عاجزا ً أمام سيدة الغناء العربي فينحني لها إجلالا ً و يسمح لها بالخلود في القمة .
لم تقدم أم كلثوم مجرد أغان و موسيقا فقط , بل رسمت بصوتها حياة ثقافية كاملة و خطت بآهاتها قلوب الملايين , و رفعت مستوى الذوق العربي و جعلتنا نفخر بشيء ما في حياتنا المليئة بخيبات الأمل المتلاحقة , ينبثق صوتها من مكان ما في أعماق نفسها , تقف على مسرحها العظيم مالكة الدنيا للحظات لا نهائية , لا تدري متى ستنطق و لا تدري بم ستنطق , تعيد و تكرر مرات و مرات , تعذب الجمهور المتلذذ بألمه قبل أن تفجر مفاجأة ما على المسرح : جملة غير متوقعة أو قدرة صوتية خارقة , فينفجر المكان بالتصفيق و تنهمر الدموع و تتمايل الأجساد بتأثير قوتها المغناطيسية الجميلة .
و هكذا , أصبحت أم كلثوم أهم شخصية عربية في القرن العشرين , صوتها دفع بها إلى النجومية في كل مكان ذهبت إليه , حفلة الأطلال في فرنسا كانت واحدة من أكبر نجاحاتها , قاعة ضخمة غصت بالفرنسيين , لم يفهموا كلمة واحدة طوال ساعات لكن صوتها كان يؤرجحهم طربا ً ذات اليمين و ذات الشمال كجمهورها في القاهرة تماما ً , لا فرق بين عربي و أجنبي في حب أم كلثوم , وحدها ساحرة كل إنسان و مالكة القلوب في كل زمان .
قبل فترة أسمعت صديقا ً لي في الولايات المتحدة الأميركية عبر الفيسبوك أغنية ” غلبت أصالح في روحي ” فقال لي : ” لم أفهم كلمة واحدة , لكن صوت أم كلثوم ليس قويا ً و حسب بل قوي و جميل في نفس الوقت و هذا رائع حقا ً , عندما تغني تتدفق الكلمات الغريبة من فمها كأنها شعر من دنيا أخرى , أغمضت عيني و حلمت بعالم أفضل , لقد بكيت و تحمست و دخلت في حالة غريبة من الذهول , شكرا ً لك على هذه التحفة ” .
لا أدري أي أغنية أحبها أكثر للسيدة أم كلثوم , كل أغنية لديها لا تشبه الأخرى في شيء لكنها تشبهها في الإبداع ذاته , أما أكثر ما أحبه فيها فهو قدرتها على تجسيد المشاعر المختلفة بصوتها , فنراها تندمج بالأغنية و تتجسد حالتها تماما ً فتغضب و تحن و تصارع و تحب و تذوب في الحب و تتأوه فجأة لتعيد الحياة للقلوب العطشى , و تنتقل فجأة للنغمات المستحيلة و تتنقل بين الطبقات فتارة تعلو و تارة تنخفض دون أن أعرف كيف تفعل ذلك , تكرر و تكرر المقاطع و لا تكرر النغمة نفسها مرتين , و في اللحظة التي أظنها ستعجز و تتوقف لتلتقط أنفاسها تصدمني بمساحة صوتية خيالية كأن رئتيها موصولتان بخزان سري للأوكسجين .
أم كلثوم امرأة استثنائية و مطربة عظيمة لا مثيل لها في العالم بأسره , أيقونة عربية بامتياز و شرق كامل يجوب مع صوتها في كل مكان , إنها بجملة واحدة ” سيدة الغناء العربي ” دون منازع و ستبقى على القمة هناك إلى الأبد .

Like This!

About وليد بركسية

الكتابة هي قدري ... Writing is my destiny
هذا المنشور نشر في فقاعات متعددة الألوان وكلماته الدلالية , , , , , , , , . حفظ الرابط الثابت.

8 Responses to أم كلثوم … امرأة وقف لها الشرق إجلالا ً و لم يجلس بعد

  1. محمد الشافعي كتب:

    انبثقت منها مطربات كبيرات كوردة الجزائرية و نجاة الصغيرة و أسمهان
    عزيزي وليد لا أحد يقلل من حجم ام كلثوم ولكن لاعلاقة لحشر اسمهان لأم كلثوم أو المقارنة بينهما كمن يقارن ام كلثوم بفيروز . لسبب أن الهالة الإعلامية بين اسمهان وام كلثوم لو قلنا انها كانت حيادية أثناء حياتهما معا وهذا افتراض بالطبع ستجد قوتان يتنافسا علي القمة موت اسمهان وحياتها الشخصية اثرت بالسلب بلا شك ولكن بعد ان بقت ام كلثوم وحيدة في الساحة مع بزوغ ثورة 23 اصبحت مصر بحاجة لرمز وطني فى كافة المجالات لخدمة الحقبة الناصرية ومنهجها وقتها كان القومية العربية والقيادة .
    وبالتالي كل من نشأ في ذلك الوقت وما تلاه لن ينتقد ام كلثوم بحيادية لأنها رمز (مقدس) للجميع. رغم أن القاصي والداني يعلم بضعف ام كلثوم في الستينات والتجائها لالحان خفيفة بمعني وقع اللحن مع الصوت أثناء الغناء يتفوق اللحن وأي عيب بالصوت لايظهر للسامع أما بالرجوع للماضي تجد ام كلثوم صوتها يشدو وينافس اللحن يتفوق تارة ويتعادل اخري.
    لست انتقد ام كلثوم حبا في اسمهان ولكن لنعتبرها مجرد فضفضة لأن مايجمع بيننا الحب والإحترام
    تحياتي أخي وليد

    إعجاب

    • لا أرى أن ام كلثوم في الستينيات كانت تلجأ للألحان الخفيفة نظراً لضعف صوتها, ربما رفضت لحنين من فريد الأطرش لأنهما كانا عبقريين لردجة كبيرة ( أول همسة, الربيع) وهو غلطة دون شك من أم كلثوم حينها, وعند النظر إلى أغاني الستينيات والسيعينيات نرى تحف صوتية من أم كلثوم, يا مسهرني مثلاً , أو أغداً ألقاك, ما أراه في تلك الفترة أن نوعية الألحان والجو الموسيقي العام كان مختلفاً عما كان في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات, ولا أعتفد صراحة أن أسمهان رغم حبي الشديد لها كانت ستنافس أم كلثوم, رغم امتلاكها الصوت الأخاذ والجمال ايصاَ, لسبب بسيط أن أم كلثوم تمتلك في مكان ما من مساحتها الصوتية ما يشابه أسمهان, ويبدو ذلك واضحاً في أغاني أم كلثوم في الثلاثينيات, ولهذا أدرجت أسمهان في قائمة المطربات اللواتي انبثقن من أم كلثوم, لأنها فدمت جو أسمهان الأوبيرالي العام ( وأركز على كلمة العام) لتأتي أسمهان وتتطوره فيما بعد مع شقيقها العبقري فريد الأطرش … ولا أدري إلي أي مدى يجب على المطرب أو المطرية أن يتفوق على اللحن, لأني أرى أيضاً أن صوت أم كلثوم في كافة مسيرتها الطويلة يأخذ مكانه دون زيادة أو نقصان, شيء يشبه اللوحة المتكاملة, كل جزء له مكانه …. ^_^

      إعجاب

  2. محمد الشافعي كتب:

    أخي وليد متفقان علي ان أم كلثوم مطربة من كوكب آخر ولكن هذا لايمنع من بعض النقد
    فمثلا رفضت اغنيتي (أول همسة والربيع) وهما أواخر الأربعينيات وبداية الخمسينيات بمثابة جريمة (فنية) من أم كلثوم .
    تاريخ ثومة يشهد انها ظلت مع ملحنين بعينيهم ولها كل الحق ولكن عندما أرادت التغيير (التجديد) :
    كان تعاون بالأمر المباشر من السلطة بمعني أن التعاون سيتم مدحه والثناء عليه أيا كان قيمته.
    وتعاونها مع (بليغ حمدي) وهنا لدي بعض الإنتقادات علي تعاونها مع بليغ مع احترامي له
    اضافة لبعض الاعمال لملحنين آخرين
    الواضح للجميع أن أم كلثوم لم تكن تفضل التعاون مع فريد الاطرش والسبب لا أملك أن اعرفه ولكن فريد في احاديثه التليفزيونية المتبقية رغم أنف التليفزيون المصري (فتم إعدام الأرشيف المصور للرجل!) صرح بانه يريد أن تشدو أم كلثوم بمصاحبة ألحانه ويكاد يترجاها فهو يعلم اهمية صوتها عندما يرافق لحنه عموما عدم التعاون بين ثومة وفريد أشبه بالاسرار العسكرية غير معروف سبب له
    لكن تفسيري الوحيد ينطوي تحت العنصرية نعم انت بمصر بلدك الثاني مهما حاولت ان تقول انها مثل بلدك الاول فلن نسمح لك بالتعاون مع القمة والهرم الغنائي أم كلثوم ناهيك عم شركات الإنتاج وقتها ملك من؟؟ الخطاب السياسي وإن كان وقتها (وحدة وقومية عربية) ولكن يبقي من بالصورة لابد ان يكون مصريا.
    وما حدث نتيجة ذلك بعد رحيل ام كلثوم انهارت الأغنية بمصر تحديدا وأصبح اللون السائد هو غناء شعبي بحت ورغم حبي لهذا النوع إلا انه يحتل الصدارة كان سبب بانهيار الأغنية من حيث اللحن والكلمات ناهيك عن الصوت لاحقا

    إعجاب

    • فعلاً جريمة فنية انو ما تعاونت مع فريد الأطرش …. ولا أدري السبب … بجميع الأحوال أم كلثوم قيمة فنية كبرى ,,,, وفعلاً انهار الفن من بعدها لأنها هي كانت مؤسسة فنية أكتر من انها شخصية فنية ….

      إعجاب

  3. alaa abu rass كتب:

    ام كلثوم قدمت الإجاز الموسيقي ولا يقدر أحد أن يتقدم بأي كلمة تسيء الى كوكب الشرق, حيثُ سيشهد التاريخ على الماضي ولم يكتب في الحاضر عن إمرأة أو رجل سيتفوق على ام كلثوم, وتركت إرث يؤكد عبقريتها في طوال مسيرتها حيثُ أن ام كلثوم شدت في أغاني لا يصلح لصوت اخر الإقتراب منها ك “سهران لوحدي, الأولة في الغرام, دليلي إحتار, ولا شك أنا في انتظارك” , ولا أعتقد أن ام كلثوم في الستينات تراجعت بل على العكس قدمت اعجاز موسيقي ثد يكون بإختلاف الألحان لانها تعاملت مع الموسيقار محمد عبد الوهاب, وعليك أن تذكر اي ان أغلب جيل اليوم يعيش على وقع اغاني الستينات من الحان كسيرة الحُب وانت عمري وامل حياتي, وفي الحقيقة ان كلامك خاطئ لأن ام كلثوم في الستينات قدمت اعجاز الموسيقى العربية وقصيدة الأطلال التي ما زال تتربع على عرش الموسيقى العربية بلحن العبقري السمباطي وفكروني التي اعتبرها انجح اغاني ام كلثوم ومجرد ان يسمعها شخص يدوب في عشق ام كلثوم, كما عليك ان تعلم ان في بداية السبعينات انخفض صوت ام كلثوم لتعلو الموسيقى عليه بسبب مرض ام كلثوم الذي اثر تأثيرا كبيرا على صوتها ومن يسمع تسجيلات ام كلثوم في بدايتها لا يصدق ان ام كلثوم هي من غنت اخر اغانيها حكم علينا الهوى فكان الصوت يبكي الماً على ضياعه حتى النغمة سلبت منه وكم ابكي عندما اسمع اهل الهوى الليل ونغمات الصوت واعيش حكم علينا الهوى وضياعه

    إعجاب

  4. alaa abu rass كتب:

    ام كلثوم قدمت الإعجاز الموسيقي ولا يقدر أحد أن يتقدم بأي كلمة تسيء الى كوكب الشرق, حيثُ سيشهد التاريخ على الماضي ولم يكتب في الحاضر عن إمرأة أو رجل سيتفوق على ام كلثوم, وتركت إرث يؤكد عبقريتها في طوال مسيرتها حيثُ أن ام كلثوم شدت في أغاني لا يصلح لصوت اخر الإقتراب منها ك “سهران لوحدي, الأولة في الغرام, دليلي إحتار, ولا شك أنا في انتظارك” , ولا أعتقد أن ام كلثوم في الستينات تراجعت بل على العكس قدمت اعجاز موسيقي ثد يكون بإختلاف الألحان لانها تعاملت مع الموسيقار محمد عبد الوهاب, وعليك أن تذكر اي ان أغلب جيل اليوم يعيش على وقع اغاني الستينات من الحان كسيرة الحُب وانت عمري وامل حياتي, وفي الحقيقة ان كلامك خاطئ لأن ام كلثوم في الستينات قدمت اعجاز الموسيقى العربية وقصيدة الأطلال التي ما زال تتربع على عرش الموسيقى العربية بلحن العبقري السمباطي وفكروني التي اعتبرها انجح اغاني ام كلثوم ومجرد ان يسمعها شخص يدوب في عشق ام كلثوم, كما عليك ان تعلم ان في بداية السبعينات انخفض صوت ام كلثوم لتعلو الموسيقى عليه بسبب مرض ام كلثوم الذي اثر تأثيرا كبيرا على صوتها ومن يسمع تسجيلات ام كلثوم في بدايتها لا يصدق ان ام كلثوم هي من غنت اخر اغانيها حكم علينا الهوى فكان الصوت يبكي الماً على ضياعه حتى النغمة سلبت منه وكم ابكي عندما اسمع اهل الهوى الليل ونغمات الصوت واعيش حكم علينا الهوى وضياعه

    إعجاب

  5. mode كتب:

    ما اعرف ليش خاصة صوت ام كلثوم مادخل مخي ابدا
    بحس انو الاغنيه كلها بتغنيه على نفس النوته بتجيييب النوم والاغنيييه بتجييك طوووويله جدا وبارده وصوتها بحسو شوي رجولي

    برأي مافي مغنيه زي ماجدة الرومي بتسرح في صوتها العذب الرنان هي اللي بحق تستحق لقب الاسطورة الخالدة عمري بحياتي ماسمعت صوت زيها خاصتا لما كانت شابه في العشرين من عمرها

    إعجاب

رأيك يهمني ...