Remember me … شخصيات نابضة بالحياة و استدرار لا نهائي لعواطف الجمهور

Remember me ... شخصيات نابضة بالحياة و استدرار لا نهائي لعواطف الجمهور

Remember me … شخصيات نابضة بالحياة و استدرار لا نهائي لعواطف الجمهور

لا يمكنني تصنيف فيلم Remember me على أنه فيلم رومانسي بحت رغم النفحة العاطفية التي تغمر تفاصيله , و لا يمكن النظر إليه على أنه فيلم يدور في نطاق الأسرة و العلاقات العائلية , أو عن مأساة الموت و الفقدان المفاجئ للأحبة , بل هو مزيج من ذلك كله في إطار من الحوادث المحزنة التي تخلق جوا ً عاما ً من المأساة و الفاجعة .
يبدأ الفيلم مع الطفلة Ally ذات الأحد عشر عاماً و هي تشهد جريمة قتل والدتها أمام عينيها في محطة الميترو , ثم نشهد قفزة زمنية لعشر سنوات و تحديدا ً إلى العام 2001 , لنرى Ally شابة جميلة في جامعة نيويورك بعلاقة مضطربة مع والدها المتشدد قليلا ً , قبل أن تتعرف على الشاب المزاجي الوسيم Tyler و تنتقل للسكن معه إثر سلسلة من الأحداث .
في نفس الوقت يعاني Tyler من علاقة متوترة جدا ً مع والده رجل الأعمال الثري بعد انتحار أخيه الأكبر , فنجده يلقي اللوم على أبيه لما حل في الماضي البعيد , و يحافظ على علاقة رائعة مع شقيقته الصغرى Caroline التي تعاني بدورها من مشاكل جمة في المدرسة و من شيء من الانطواء و الشعور بالغربة بين أقرانها , لتفجر مواهبها و تركز كافة اهتمامها على الرسم الذي تجيده بإتقان كبير .
تتعدد الحوادث و القصص في الفيلم , و نرى Tyler يثور كثيرا ً في سبيل أحبائه و أفراد عائلته , بينما يحرص يوميا ً على الكتابة لشقيقه الميت في المقهى الذي شاهده فيه قبل انتحاره بساعات قليلة , و يبدو شهما ً و شجاعا ً و هو يخوض العراكات و يدخل السجن للدفاع عن أخته الصغرى و كبريائها المجروح نتيجة سخرية زميلاتها منها طوال الوقت .
و مع تقدم الوقت و مرور الثواني , تزداد حدة الفيلم , و ترتفع الموسيقا شيئا ً فشيا ً منذرة بقدوم مأساة ما , فمنذ البداية يخلق الفيلم شعورا ً لدينا بوجود شيء لن يكتمل , لتتخبط التكهنات مع الأحداث الرتيبة , فلا ندري إن كانت Ally ستلتقي بقاتل أمها أو أن علاقتها ب Tayler ستنتهي فجأة , أو أن والدها سيقدم على حماقة ما كقتل Tayler مثلا ً , أو أن حادث شاحنة مأساويا ً سينهي حياة أحد الأبطال على غرار ما درجت العادة مؤخرا ً .
في نهاية المطاف , يتصالح Tayler مع والده و ينجح في لفت انتباهه إلى شقيقته و موهبتها , و يتجه إلى مكتب الشركة لإنهاء بعض الأوراق , ليعلم هناك مدى الحب الذي يكنه والده لأبنائه جميعا ً عن طريق المصادفة , و ليعرف كم كان ظالما ً في حقده الأعمى على والده طوال تلك السنوات , و هنا تأتي النهاية الصادمة , عندما نكتشف أن Tayler سيء الحظ في أحد برجي التجارة العالميين عند أحداث 11 أيلول الإرهابية , لتتغير حياة كل الناس من حوله إثر وفاته المأساوية .
يركز الفيلم كثيرا ً على التفاصيل الحزينة , و على البوح بالأسرار و خوالج النفس البشرية , و يخلق بذلك شخصيات أقرب للواقعية , بحيث نشعر بها تتنفس معنا من ذات الهواء و تشاطرنا ذات الأريكة التي نجلس عليها , و هي النقطة الأساسية التي نجح فيها الفيلم بشكل مبهر إلى حد كبير في استغلالها لاستدرار عواطف الجمهور و البناء عليها .
من جهة أخرى , أعتقد أن القصة بشكل عام نمطية و غير مبتكرة بما فيه الكفاية , فبعد زوال تأثير المشاعر المزدحمة في الفيلم , و مع قليل من التفكير يبدو الفيلم عاديا ً جدا ً و قابلا ً للنسيان بعد فترة قصيرة , إنه واحد من تلك الأفلام التي تستمتع بمشاهدتها مرة واحدة بحماس اكتشاف ما خفي فقط , و مع إسدال شارة النهاية و جفاف الدموع التي انسكبت هنا أو هناك تبدو الأحداث باهتة الملامح و ضبابية في فضاءات الذاكرة .
على صعيد آخر , يجمع الفيلم بين نجمين شديدي الجاذبية , فنرى Robert Pattinson يعود إلى طبيعته البشرية بعيدا ً عن سلسلة مصاصي الدماء Twilight إلى جانب الجميلة Emilie de Ravin , لكن الثنائي و رغم التجاذب الكبير بينهما لا يقدم أداء منقطع النظير و مبهرا ً بشكل حابس للأنفاس , بل يرسمان خطوة جيدة في مسيرتهما التمثيلية بأداء مقبول قياسا ً إلى غنى الشخصيات بالمشاعر و العوالم الداخلية , و تبدو ردود فعلهما متكلفة أحيانا ً و خاصة عند الغضب , و ساهم بذلك إلى حد ما تهلهل السيناريو و تمزقه بين مشاعر و قصص متضاربة حشرت معا ً في إطار ضيق .
يمكن تقييم الفيلم بثلاث نجمات أصل خمسة على أعلى تقدير , و مع ذلك يبقى فيلما ً قابلا ً للمشاهدة إلى حد ما , دون أن انسى الإشادة بالموسيقا المثالية لأجواء الفيلم و خاصة في الدقائق العشر الأخيرة , حيث ترتفع بحدة كأجراس خطر تدق من عالم آخر فوق رؤوس الشخصيات الغارقة في تفاصيلها اليومية دون أن تدري ماذا يخبئ لها القدر الدامي .
جدير بالذكر أن الفيلم من إنتاج عام 2010 , و إخراج Allen Coulter , و حل خامسا ً في شباك التذاكر في الأسبوع الأول لافتتاحه , محققا ً إيرادات إجمالية بحوالي 56 مليون دولار حول العالم .

Like This!

About وليد بركسية

الكتابة هي قدري ... Writing is my destiny
هذا المنشور نشر في فقاعات سينمائية وكلماته الدلالية , , , , , , , , , . حفظ الرابط الثابت.

4 Responses to Remember me … شخصيات نابضة بالحياة و استدرار لا نهائي لعواطف الجمهور

  1. Mohammad Adnan Dawood كتب:

    nicely reviewed ……… well done

    إعجاب

  2. Abdullah كتب:

    فيلم جميل جداً.. إستمتعت بمشاهدته وأحببت أداء روبرت باتنسون فيه.
    صدمتني النهاية في مشاهدتي الأولى له.. أحببت عنصر المفاجأة في الفيلم كثيراً.
    في مشاهدتي الثانية إستمتعت في إستكشاف الأدلة المدفونة بين مشاهد الفيلم على النهاية.

    شكراً لك على المراجعة.

    إعجاب

    • شكراً لك عبد الله … مممم لا أدري إن كنت أستطيع مشاهدة الفيلم مرة ثانية بصراحة … أداء روبرت بالنسبة لي جميل في بعض المشاهد و عادي في مشاهد أخرى …. و أعتقد أن لديه قدرات كبيرة تتظور بشكل متسارع ….

      إعجاب

رأيك يهمني ...