يعتبر فيلم آلام المسيح – The passion of the Christ أنجح فيلم في تاريخ السينما المستقلة و أكثر فيلم غير ناطق بالانجليزية تحقيقا ً للأرباح على الإطلاق , بإجمالي إيرادات بلغ حوالي 612 مليون دولار أميركي حول العالم إثر إطلاقه عام 2004 وسط ضجة إعلامية غير مسبوقة .
يرصد الفيلم الساعات ال12 الأخيرة من حياة السيد المسيح في إطار درامي شديد التأثير على المتلقي , باستثارته مشاعر الجمهور على اختلاف انتماءاته و تحفيزها مع كمية هائلة من العنف المتضمن في مشاهد تعذيب اليهود للمسيح قبل صلبه , ما دفع بالفيلم لتصدر قائمة مجلة Time لأكثر الأفلام عنفا ً عبر التاريخ .
يستمد الفيلم أحداثه العامة و تفاصيله الدقيقة من الأناجيل الأربعة مع تركيز شديد على شخصية المسيح نفسه , فنرى الممثل Jim Caviezel يتألق في أداء دور المسيح الذي يعاني الأمرين في سبيل تخليص البشرية , مع ذكريات خاطفة تعود به إلى الماضي : طفولته , شبابه و نشره دين المحبة بين الناس , بينما تبدع الممثلة Maia Morgenstern في دور السيدة مريم العذراء المفجوعة بابنها و الراضخة لأمر الله بإيمان كبير , و تبدو العلاقة بينهما في أعلى مستوياتها عندما تلحق به على درب الآلام لتودعه الوداع الأخير أو لتحميه بحبها من قسوة العالم , و من جهتها تظهر النجمة Monica Bellucci بأداء عال في شخصية مريم المجدلية المثيرة للجدل على العموم و هي ترافق السيدة العذراء في كافة تحركاتها بألم شديد و صدمة مما يحدث لمخلصها دون أن تقدر على رد الجميل له أو دفع الأذى عنه .
من جهة أخرى , لا يطرح المخرج Mel Gibson فيلمه الذي قام بكتابته بشكل تقليدي روتيني , إذ أضاف للتفاصيل الدينية لمسة عصرية فنية إبداعية تتجلى مثلا ً في شخصية الشيطان الذي يحوم حول الجميع بملامحه الشريرة و ثيابه السوداء و كأنه المحرك الأساسي لما يدور في نفوس البشر , و يتجلى الإبداع واضحا ً في أحد مشاهد تعذيب المسيح حيث يظهر الشيطان حاملاً طفلا ً شيطانيا ً بين يديه و كأنه الرمز المعاكس لأيقونة السيدة العذراء التي تحمل الطفل المسيح بين ذراعيها في أعلى و أقدس درجات الأمومة , ليضع الفيلم مشاهديه أمام الحالة المضادة للخير و المحبة و يتركهم في حالة شديدة من الصدمة القاسية و العنيفة معا ً .
في ذات السياق , يستمر Gibson في الإبداع عبر تجسيد الأيقونات المسيحية الشهيرة ضمن الفيلم , و دمجها بالأحداث بصورة فنية تصور المكان التي أتت منه تلك الأيقونات , فعندما يموت المسيح على الصليب و يلفظ أنفاسه الأخيرة و تاج الشوك على رأسه تتحول الصورة إلى درجة لونية أخرى تمثل الأيقونة الشهيرة , ما يدفع بالفيلم إلى درجة رفيعة المستوى من التحرر و الإبداع في طرح شخصية مثيرة للجدل بكل تناقضاتها الحالية بين مختلف الأديان عامة ً .
تجدر الإشارة هنا إلى ردود الأفعال المتضاربة التي واكبت الفيلم حتى قبل إطلاقه , فرغم تحقيقه أعلى الإيرادات في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك دول يشكل فيها المسيحيون فئة قليلة من نسبة السكان كمصر مثلا ً , إلا أنه لم ينج من غضب الجماعات اليهودية التي اعتبرت الفيلم معاديا ً للسامية و مسيئا ً لصورة اليهود في العالم , كما أثار غضب عدد قليل من الجماعات المسيحية شديدة التطرف برفضها فكرة تجسيد السيد المسيح في فيلم سينمائي من الأساس رغم أن الشاشة الكبيرة قدمت المسيح في عدد كبير من الأفلام السابقة ك The passion عام 1987 و الإغواء الأخير للمسيح عام 1988 .
يطرح الفيلم شخصية المسيح بطريقة عاطفية جدا ً دفعت كثيرا ً من النقاد إلى اعتبار الفيلم مشابهاً للبروباغندا النازية في إثارة المشاعر و تضخيم العواطف , لكن ذلك كان ضروريا ً إلى حد ما لإنجاح عمل ٍ يرصد سيرة ” أسطورة المسيح ” بين مختلف التيارات الدينية و الفكرية حول العالم , دون أن يحول الدين باعتباره عنصرا ً أساسيا ً في تكوين النفس البشرية كعائق أمام انتشار الفيلم , خاصة أن تصويره تم باللغتين الآرامية و اللاتينية لإضفاء مزيد من عوامل المصداقية عليه .
كما يعتبر العنف المتضمن بكثرة ( أو بمبالغة ) في الفيلم سببا ً آخر لنفور الناس من مشاهدته مرة أخرى , حيث تشعر بالألم و بالحزن معا ً و ربما تحس بطعم الدماء في فمك و هي تنسال على جسد المسيح , و تبلغ درجات التوتر و الانفعال حدودها العليا عند المتلقي ما جعل الفيلم غير مخصص لذوي القلوب الضعيفة أو القاصرين تحت 18 عاما ً .
The passion of the Christ تحفة سينمائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى , قوي , صادم , عنيف و عاطفي , يحكي قصص الحب , الأمومة , الخير , العطاء و التضحية عبر السيد المسيح : أكثر شخصية مثيرة للجدل عبر التاريخ .
جدير بالذكر أن الفيلم من إنتاج Mel Gibson الخاص بميزانية تقارب ال 30 مليون دولار أميركي , بعدما رفضت شركات الإنتاج الكبرى في هوليوود المغامرة بفيلم مثير للجدل و بلغتين ميتتين , و تم تصويره بالكامل في إيطاليا , قبل أن يتحول لنجاح ساحق في شباك التذاكر و صفحات النقد المتخصص بشكل عام .
فقاعات ملونة
- فقاعات من نفخ الخيال (35)
- فقاعات من شعري (36)
- فقاعات متعددة الألوان (17)
- فقاعات أدبية (16)
- فقاعات سينمائية (46)
- فقاعات شخصية (6)
- فقاعات صحافية (1)
-
آخر الفقاعات
فقاعات صديقة
أكثر الفقاعات مشاهدة
- No country for old men ... رؤية شديدة السوداوية لواقع الإنسانية المعاصر
- لماذا أكره الله
- الساعات ال12 الأخيرة من حياة السيد المسيح في The passion of the Christ
- One day ... علاقة مهتزة على أراجيح الزمن بين الحب و الصداقة
- Remember me ... شخصيات نابضة بالحياة و استدرار لا نهائي لعواطف الجمهور
- مرحباً أيها الحزن لفرانسوا ساغان ... رؤية مرهفة لحياة المراهقين من الداخل
- عزيزي جورج وسوف ... اعتزل أرجوك
- أفضل 15 فيلما ً في العقد الأول من القرن الحادي و العشرين
- The hours ... تحفة سينمائية تكرم المبدعة فيرجينيا وولف على الشاشة الكبيرة
- مرتفعات ويذرنغ لإيميلي برونتي ... أغرب رواية كتبت على الإطلاق
فقاعة عشوائية
Google +
Twitter
Facebook
Follow us
فقاعات صابون على تويتر
بحث في الفقاعات
بين الفقاعات
- 2003
- 2004
- 2007
- 2009
- 2010
- 2011
- 2012
- Diane lane
- Julianne Moore
- Meryl Streep
- Nicole Kidman
- أغاثا كريستي
- أفلام أجنبية
- إرنست همنغواي
- الآلهة
- الألم
- الإنسان
- الانتظار
- الجريمة
- الجسد
- الحب
- الحرب
- الحرية
- الحلم
- الحياة
- الخلود
- الخوف
- الخيبة
- الدين
- الذكريات
- الرغبة
- الرومانسية
- الرياح
- الزمن
- السعادة
- السماء
- السياسة
- الشتاء
- الشر
- الشمس
- الشوارع
- الشيطان
- الظلام
- العائلة
- الفقر
- القدر
- القرن الحادي و العشرين
- القلب
- القمر
- الله
- الليل
- الماضي
- المطر
- الملل
- الموت
- الموسيقا
- الوحدة
- الولايات المتحدة
- باريس
- بريطانيا
- دمشق
- روايات
- روايات عالمية
- سوريا
- سيرينا ويليامز
- شعر
- فرنسا
- فيرجينيا وولف
- قصائد
- قصص قصيرة
- لندن
- مقالات
- مهرجان الأفلام الأوروبية
- مهرجان كان السينمائي
- نوال الزغبي
شاهدت الفيلم قبل عدة سنوات.. الفيلم متميز إخراجاً وتمثيلاً..
أبدع Jim Caviezel في الأداء.. وأبدعت Maia في دور مريم العذراء خصوصاً في مشاهد الحزن والبكاء!
أتفق معك أن الفيلم من أكثر الأفلام عنفاً وتقززاً في مشاهد التعذيب.. لدرجة أني كنت أصد عن بعض المشاهد.
الفيلم تحفة سينمائية تستحق المشاهدة بغض النظر عن واقعية الفيلم وما يحتويه من معتقدات قد تخالف بعض الأديان.
إعجابإعجاب
تماما عبدالله , الفيلم عنيف و حقيقي و صادم بغض النظر عن الإيمان الديني الذي يختلف من شخص لآخر حول العالم لكنني لا أستطيع مشاهدته مرة أخرى … 🙂
إعجابإعجاب